خاص باليوم العالمي للمرأة : 8 مارس
تعد السعدية بنعبو من الوجوه النسائية المتميزة في جهة الداخلة-وادي الذهب، بفضل عملها الدؤوب وجهودها المتواصلة وسعيها الحثيث نحو خدمة قضايا الأسرة والمجتمع والنظام البيئي.
السعدية بنعبو من النساء اللائي اخترن منذ أمد طويل الانخراط، بكل عفوية وحماس، في العمل التطوعي ضمن العديد من هيئات المجتمع المدني على مستوى الجهة، فضلا عن التزامها القوي بدعم مختلف المبادرات الخيرية والإنسانية الرامية إلى النهوض بأوضاع النساء والأطفال في وضعية صعبة.
تدرجت السيدة بنعبو، المزدادة بالدار البيضاء، في مختلف الأسلاك التعليمية، لتنتقل بعدها إلى مدينة العيون، عاصمة الصحراء المغربية، من أجل الدراسة بمعهد تكنولوجي لمدة سنتين توجته بالحصول على دبلوم في “السكرتارية” سنة 1990.
وظلت السيدة بنعبو، الزوجة والأم لأربعة أطفال، تكابد لنحو 10 سنوات من عدم الاستقرار الوظيفي، تقلبت خلالها في العديد من مناصب الشغل بكل من الدار البيضاء والعيون وأكادير وورزازات، ولفترات محدودة، بدون كلل أو ملل، رغبة منها في إثبات ذاتها ودعم مالية أسرتها الصغيرة.
وبعد عودتها إلى مدينة العيون، وهي فترة البداية الحقيقية لمسارها المهني كتقنية ضمن المديرية الجهوية للتخطيط، عملت السعدية بنعبو، طيلة 15 سنة متواصلة، على التوفيق بين عملها ورعاية أبنائها الأربعة في ظل غياب الزوج بحكم التزاماته المهنية.
بكل فخر واعتزاز، تتذكر السيدة بنعبو، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، كل ما تلقته من دعم ومساعدة من طرف رؤسائها في العمل، مما شجعها على المزيد من البذل والعطاء، حيث كانت تجوب أحياء العيون على متن دراجة نارية للاشتغال على أبحاث ميدانية مع الأسر، مما مكنها من كسب ثقة فئات مجتمعية متنوعة، وهو ما سهل أيضا من انخراطها في المجال الجمعوي.
وأبرزت، في هذا السياق، أهمية الدور الذي تضطلع به المرأة في مجال التخطيط، والسلاسة أو المرونة التي تتميز بها في مجال الحصول على أدق المعلومات المرتبطة بالمعيش اليومي للأسر والساكنة المحلية، لاسيما تلك التي تجد النساء حرجا في تناولها أمام الأطر من الرجال.
وخلال هذه الفترة، زاوجت السيدة بنعبو بين عملها المهني ونشاطها الجمعوي في مدينة العيون، حيث أكدت أن هذا المجال الجمعوي ساهم بقوة في صقل شخصيتها ومدها بالدعم النفسي اللازم لمواجهة الصعوبات الاجتماعية والمهنية، لاسيما التوفيق بين مختلف الواجبات والمهام التي تضطلع بها.
وباحتكاكها اليومي مع فئات مجتمعية متنوعة (أسر، نساء..)، بحكم عملها الميداني ضمن المندوبية الجهوية للتخطيط بالعيون – الساقية الحمراء، تولد لدى السعدية بنعبو اهتمام كبير بقضايا المجتمع والتكافل الإنساني والحفاظ على البيئة.
تقول، في هذا الصدد، “وظيفتي في قطاع التخطيط أتاحت لي الفرصة لأطلع عن كثب على مشاكل الأسر وما تواجهه النساء داخل المجتمع من صعوبات وإكراهات، مما زاد من اهتمامي بالمجال الاجتماعي وقضايا تمكين النساء. وهكذا، تولدت لدي الرغبة للمساهمة في الجهود الرامية إلى دعمهن ورفع الحيف عنهن”.
وشكلت سنة 2011 منعطفا مهما في حياة السيدة بنعبو، التي انتقلت رفقة عائلتها الصغيرة إلى مدينة الداخلة، حاضرة إقليم وادي الذهب، لتبدأ هناك صفحة جديدة في مسارها المهني ومسؤولياتها العائلية والجمعوية على حد سواء.
وهي تتنقل بين أحياء الداخلة وشوارعها، وظفت السيدة بنعبو الخبرة الواسعة التي اكتسبتها في مجال التعامل مع الأسر، من أجل المشاركة في عدة أبحاث وطنية ميدانية لفائدة المديرية الجهوية للتخطيط (أزيد من 25 بحثا وطنيا)، شملت مجالات التشغيل، والظرفية للأسر، والحالة المدنية، ورخص البناء، والأسعار، وتدبير الوقت، وتحيين جهة الداخلة – وادي الذهب، والاستهلاك لدى الأسر.
وساهمت هذه الأبحاث، التي تقوم بها في مختلف أنحاء الداخلة وضواحيها وكذا في باقي الجماعات التابعة لإقليمي وادي الذهب وأوسرد، في تعلقها بالبيئة المجالية وإذكاء الرغبة في تأهيل المدينة والحفاظ عليها وتعزيز جمالية الأحياء وتزيين الأرصفة والتحسيس بالبيئة، متوجة هذا الشغف بتأسيسها لجمعية بيئية في سنة 2016.
وامتد مجال اهتمام السيدة بنعبو إلى إشكالية الهدر المدرسي بجهة الداخلة – وادي الذهب، حيث عملت إلى جانب فعاليات جمعوية على استهداف عدد من المؤسسات التعليمية، لمحاربة هذه الآفة، وذلك بشراكة مع نيابة التعليم.
وخلال فترة جائحة (كوفيد-19)، انخرطت السيدة بنعبو، بكل تفان ومسؤولیة، في الحملات التحسيسية بشأن اتخاذ كافة التدابير الوقائية والحاجزية الرامية إلى الوقاية والحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
وتتويجا لمسارها المهني والجمعوي وعرفانا لكل ما قدمته، حصلت السيدة بنعبو على العديد من الشهادات التقديرية في مجال العمل الإنساني وقضايا المجتمع المدني والأسرة والطفولة والشباب، فضلا عن مشاركتها في العديد من الدورات التكوينية التي تهم قضايا البيئة والتنمية المستدامة.
ويشكل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، بالنسبة للسعدية بنعبو، مناسبة لتعزيز مكانة المرأة داخل المجتمع والاحتفاء بانتصاراتها، مبرزة في هذا الإطار، مكتسباتها ومطالبها العادلة من أجل تحسين وضعيتها المادية والاجتماعية.
وبعدما دعت النساء إلى الانخراط بقوة في العمل التطوعي والجمعوي، اعتبرت السيدة بنعبو أن ذكرى ثامن مارس تمثل فرصة لتعزيز تمكين المرأة والاحتفاء بها وتثمين الإنجازات التي حققتها في مختلف القطاعات.
وبالنسبة للسيدة بنعبو، فقد أثبتت المرأة نفسها بقوة في مختلف مناحي الحياة، وهي تحتل حاليا مكانة خاصة للغاية بفضل جهودها وتضحياتها ومثابرتها، مما بوأها مكانة رفيعة داخل محيطها الاجتماعي.