منبربريس

غزة تبشر بزلزال فلا تتركوها لوحدها…

admin31 أكتوبر 2023آخر تحديث : منذ 6 أشهر
admin
سياسة
غزة تبشر بزلزال فلا تتركوها لوحدها…

غزة تبشر بالزلزال .. فلا تتركوها وشأنها بقلم علي بومنجل الجزائري

منبر-بريس/ مكتب وجدة

بعد الطوفان، إذا اتسعت جبهات المواجهة، فإن الشرق الأوسط سيصبح البوابة الواسعة التي سيمر عبرها نظام عالمي جديد أكثر توازناً وعدالة

2023-10-31


الذين في غزة أطلقوا عليها اسم عملية طوفان الأقصى لم يخطئوا، فقد كان لديهم معرفة مسبقة كبيرة بما ستجلبه.

إنه «الطوفان» الذي تجاوز الحدود الضيقة لقطاع غزة المحاصر، ليجرف الروايات والمعادلات في المنطقة، وليبتلع الأرض كلها وساحاتها. رداً على تدنيس المسجد الأقصى، كشفت الحقائق المخفية، وأزالت القشرة الرقيقة التي حاولت “إسرائيل” والغرب والعواصم العربية والإقليمية إخفاءها خلفها، لتكشف أبشع صور العجز والتواطؤ والخيانة. الخيانة، وإظهار الغرب الاستعماري في صورته الأصلية قبل أن يعيد تسمية الاستعمار بـ«الانتداب»، وقبل أن يلبس الألوان البيضاء النشوية ويظهر أمامنا بثوب الدعاة.

إنها أم المعارك الحاسمة، التي لم يسبق لها مثيل أو ستأتي في المستقبل المنظور. انها حقا لا تضاهى. إنه يمثل اللحظة الحاسمة والفاصلة بين عصرين وعصرين. لقد أنذرت زوبعة غزة بزلزال، والمعركة الآن بين مستقبلين لفلسطين والمنطقة. لن يكون من المبالغة أن نعلن للعالم أن هذه المعركة اندلعت من القذيفة صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لكن عقول “المستقبليين” غير قادرة على قياس التوابع والتداعيات التي ستحدث تباعا، أو الديناميكيات والمعادلات التي قد تبرزها.

لا أشك لحظة واحدة في أن الذين خططوا وهندسوا الطوفان وأطلقوه كالصاعقة، هم أيضاً أعدوا قوارب نجاة ذات عوامات حلقية – نعم، قوارب وليس *قارب*، فالمعارك مستمرة ضد غزة والمقاومة. ومع ذلك، فإن الحرب سوف تمتد إلى منطقة غرب آسيا بأكملها، والعالم العربي، والمناطق المحيطة بها.

في مثل هذه التجارب، يحقق المرء إما المجد أو العار. فإما أن يتخذ المرء موقفاً من أجل التاريخ، ومن أجل الأجيال القادمة أيضاً، أو أن يتراجع ويجلس، بطريقة لا تستطيع الجيوش المتخاذلة و أصحاب المصالح أن تدور أو تبرر. إن ساعة الحساب قادمة لا محالة، ولو تأخرت. لقد حفرت غزة نفسها في عقول هذا الجيل وقلوبه وضمائره، ولن تتلاشى أبدا من ذاكرته الجماعية. ولا أتصور أن آثاره ستتبدد بمجرد صمت المدافع.

نكون أو لا نكون، تلك هي معادلة الحرب الوجودية التي يواجهها الشعب الفلسطيني والأمة العربية وأحرار العالم. وفي مناسبة تاريخية من هذا التفرد، ليس أمام الشعب والمقاومة وحلفائهم وأصدقائهم إلا أن ينتصروا، مهما عظمت التضحيات وطال أمد موكب النعوش.

أعتقد أن عملية طوفان الأقصى ستكون الشرارة التي ستحدث إصلاحا شاملا في المشهد الفلسطيني بعد سنوات وعقود من الموت والسبات وسيل متواصل من التنازلات التي فشلت في إشباع رغبات الصهيونية في التوسع والاستيطان ومحو الهوية.و بعد سنوات وعقود من الخنوع والكذب، وبعد أن تحطمت الأوهام وانكشف أكبر خداع للشعب الفلسطيني – عملية أوسلو والسلطة الفلسطينية – يأتي الآن الإعلان الرسمي عن انطلاق مرحلة فلسطينية استراتيجية تتسم بمقاومة الاحتلال والعنصرية والتهويد وضياع الأراضي والحقوق والمقدسات. وهذا هو البديل عن الاستمرار في المشاريع التي أصبحت آثارها المظلمة واضحة حتى للمكفوفين. إنها بداية نهضة واستيقاظ الحركة الوطنية الفلسطينية في كل فلسطين، وليس في غزة فقط، وفي لم الشتات، على أساس مقاومة الاحتلال لدحره وتفكيك استعماره الاستيطاني.

هذه هي بداية التعافي، والجبهة الموحدة، وتوحيد الشعب والقضية والمقاومة في كل مكان يتواجد فيه الفلسطينيون. وهذه هي الخطوة الأولى لإنقاذ منظمة التحرير الفلسطينية وتحريرها من قيودها.

هذه هي بداية إصلاح شامل للديناميكيات الفلسطينية وتوازنات القوى الفلسطينية، والتي تتقاطع مع صعود الجيل Z واتجاه المقاومة الجديد في الضفة الغربية والقدس، وكذلك مع عقيدة “وحدة الساحات”. سيف القدس ويقظة الشتات الفلسطيني في بلدان اللجوء والتهجير. هذا هو الإطلاق الثاني لبالي الحركة الوطنية الستينية، وأعتقد أنها تفوق الانطلاقة الأولى في عظمتها وعظمة إنجازاتها.

وهنا نتوقف للتأكيد على أنه لا يمكن السماح لفلسطين بإهدار هذه الفرصة، ولا يمكن السماح للفلسطينيين بالتفكير في أي خيار آخر غير النصر في هذه المعركة البالغة الأهمية. قبل أن نفكر في التكلفة الباهظة التي يحملها هذا الخيار لغزة والفلسطينيين، يجب على المشككين وضعاف القلوب والمترددين أن يفكروا للحظة في تكلفة الخيار الآخر – خيار الهزيمة لا سمح الله – بمجرد التوصل إلى “صفقة القرن”.

وأظن ـ وفي هذه الشبهة لا يوجد أي أثر للإثم أيضاً ـ أن الحرب على غزة وشعبها ومقاومتها تعني شن حرب على حزب الله وحلفائه الإقليميين، من قزوين إلى شرق البحر الأبيض المتوسط. اليوم، غزة وحماس؛ وغداً سيكون لبنان وحزب الله، وبعد غد سيكون دمشق وبغداد وصنعاء حتى يصل إلى طهران في المحطة الأخيرة – أو ربما ليس المحطة الأخيرة. هذه حرب ضد المحور بأكمله. إنها تصفية حسابات ثقيلة لنصف قرن من الصراع بمختلف أشكاله وساحاته وأدواته ومستوياته. وأطراف هذا المحور ومكوناته تدرك ذلك. إن القول المأثور “إذا سقط أحدنا، سنسقط جميعًا” موجود دائمًا في تراثهم وتفكيرهم. ولا يزال الباب مفتوحاً لحدوث شيء أكبر وأوسع وأخطر، بعد انتهاء مرحلة التسخين أو التصعيد التدريجي، واتساع نطاق الرسائل النارية في كل هذه الساحات لأغراض الحشد ووظائفها التحذيرية.

وهنا سأغامر باقتراح نظرية تحيد عن الفكرة السائدة: لقد فتحت حماس والمقاومة نافذة وفرصة لإحداث تغيير هائل ومهم في الاعتبارات والمعادلات والديناميكيات القائمة. ويجب ألا نغلق هذه النافذة بالدعوة إلى وقف إطلاق النار وخفض التصعيد أو انتظار تحول المد ضد المقاومة. وبدلاً من ذلك، يجب علينا أن نعمل على توسيع نطاق المعركة عبر ساحات متعددة، طالما أن الهشاشة الإسرائيلية العارية تظهر بعد تحطيم أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” و”الموساد المعصوم. وأمامنا فرصة تاريخية لتحقيق ذلك قد لا تتكرر ولم تسنح منذ سنوات أو حتى عقود قادمة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.

Ad Space
الاخبار العاجلة