منبر بريس
راح ذاك الزمان وناسو.. وجا هاذ الزمان بفاسو
ومعناه تغير الزمان وتقلبت الأحوال، فذهب من كان يقبل بكلمة الحق ويستمع إليها وينتفع بها، وجاء زمان فيه أناس يرفضون ذلك.
في زمننا الذي اصبحت فيه أعظم الأشياء رخيصة، واصبحت المبادئ والمفاهيم تحمل معنى آخر، فالكذب أصبح مجاملة، والنفاق ولبس الأقنعة شطارة، والتلون وتغيير المواقف والمبادئ كل يوم براغماتية، والسكوت على الظلم مسالمة وتكتيكا، وحدها كلمة الحق ظلت عزيزة وغالية الثمن، يخشى الكثيرون أن يدفعوا ثمنها ويستحون منها إن لمعت في تفكيرهم لأنها تعايرهم بجبنهم فكم مرة رأى إنسان في محيط عمله ظلما وتعسفا بحق الآخرين، أو رأى ما لا يجب السكوت عليه من فساد ومحسوبية وطأطأ رأسه ومضى في سبيله خوفا على رزقه أو منصبه!
ألا يذكر بعضنا أنه صمت عن كلمة لو قالها لردّ ظلما عن مستضعف، أو حفظ حقا لصاحبه، أو كف ألسن الآخرين عن تلويث سمعة غائب، وذلك من أجل استرضاء الآخرين وخوفا من إثارة واستفزاز الأصدقاء والمقربين؟
وقد تدفع فعلا كلمة الحق بصاحبها الى زاوية صعبة، ولكن عدم قولها يضعه في مواجهة مع نفسه ومع التزامه الأخلاقي، واحترامه لذاته ويجرُه إلى دائرة من السلبية والنفعية جرّت إليها الكثيرين. ففي الماضي كان الرجل يقول: «أقول كلمة الحق ولو على رقبتي»، فما الذي حدث اليوم؟ هل تغيّر الإنسان أم تغير الزمان؟! وفي أي الدروب تاهت كلمة الحق، وهل مازالت تستحق ثمنها؟!