إن كان الاسلام دخل إلى المغرب من الشرق، فإن تأثير المغاربة في المشرق جاء عن طريق علماء الصوفية. نقدم لكم لائحة أشهر 10 متصوفين مغاربة مدفونين في المشرق تركوا بصمات وأتباع لمدارسهم الصوفية حتى وقتنا هذا.
أبو الحسن الشاذلي – اسمه ونشأته:
أبو الحسن الشاذلي هو علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف بن هرمز، تقي الدين أبو الحسن الشاذلي المغربي، الزاهد شيخ الطائفة الشاذلية، ولد في بلاد غمارة بريف المغرب سنة 591هـ، ونشأ في بني زَرْوِيل قرب شفشاون الواقعة شمال المغرب.
أبو الحسن الشاذلي – منزلته ومكانته:
كان أبو الحسن الشاذلي من كبار المتصوفة، وهو صاحب الأوراد المسماة «حزب الشاذلي»، اشتغل بالعلوم الشرعية، حتَّى أتقنها، وصار يناظر عليها، مع كونه ضريراً، ثم سلك منهاج التصوف، وجدَّ واجتهد، حتَّى ظهر صلاحه وخيره، وطار صيته وفضله في الآفاق، وحُمِدَ سره وسريرته.
بدأ أبو الحسن الشاذلي حياته بحفظ القرآن الكريم وتعلم العلوم الشرعية، وطلب الكيمياء في ابتداء أمره، ثم تركها ورحل إلى بلاد المشرق فحج، وزار فلسطين والشام والعراق، وعاد إلى المغرب، فكان من محاسن الصدف أن تعرف في فاس على الشيخ الصوفي عبد السلام بن مُشَيْش، فلزمه، واتخذه إماماً وشيخاً، وقد دفعه دفعاً إلى أن يعيش للتصوف ومحبة الله.
انتقل بعد ذلك إلى شاذلة قرب تونس، وهناك أخذ ينشر في الناس الدعوة إلى التصوف، ولصقت البلدة باسمه حتى اشتهر باسم الشاذلي، وفيها تعرَّف بتلميذه أبي العباس المرسي وتوثقت الصلة بينهما فى الله ومحبته.
ثم سكن الإسكندرية سنة 642هـ، وصحبه بها جماعة، وانتفع الناس بحديثه الحسن وكلامه المطرب، وطار صيته في الإسكندرية والقاهرة والمدن المصرية، وكان يحضر مجالسه في مدرسة الحديث الكاملية شيوخ الإسلام حينئذ وأكابر العلماء من الفقهاء والمحدثين والمفسرين؛ أمثال الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وكان يُلقي دروسه ومواعظه في الإسكندرية بجامع العطارين، وفي هذه الأثناء أصاب عينيه رمد أفقده بصره.
وكان أبو الحسن الشاذلي إذا ركب تمشي أكابر الفقراء وأهل الدنيا حوله، وتُنشر الأعلام على رأسه، وتضرب الصنوج بين يديه.
جهاده:
كان أبو الحسن الشاذلي يدعو مريديه لحمل السلاح ضد أعداء الإسلام الصليبيين، وكان يرحل معهم إلى ميادين الحرب كما حدث في موقعة المنصورة المشهورة في عهد السلطان نجم الدين أيوب وابنه توران شاه، حين اقتحم لويس التاسع ملك فرنسا دمياط وتقدم إليها بجيشه سنة 647هـ، وكان الإمام الشاذلي مع مريديه هناك، ونجد معه شيوخ الدين والعلماء الكبار؛ كالعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد ومحيى الدين بن سراقة وغيرهم من جلَّة الشيوخ، وألقى يومها الإمام أبو الحسن الشاذلي خطبة حماسية حث فيها على الجهاد، وكان أتباعه ومريده في مقدمة الصفوف التي دُمِّرت في موقعة المنصورة، وأنزل الجيش المصري بالصليبيين هزيمة ساحقة، استسلم على إثرها لويس التاسع ذليلاً كسيراً، وارتحلوا عن دمياط خاسئين مدحورين إلى البحر المتوسط وما وراءه.
مأثوراته:
من كلامه: “كل علم تسبق إليك فيه الخواطر، وتميل النفس، وتلتذ به؛ فارم به وخذ بالكتاب والسنة”.
وقال: “لولا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما يحدث في غد وما بعده إلى يوم القيامة”.
نوادره:
قال الشيخ تاج الدين السبكي: أخبرني والدي قال: دخلت على الشيخ أبي الحسن الشاذلي، فسمعته يقول: والله لقد يسألونني عن المسألة لا يكون لها عندي جواب، فأرى الجواب مسطراً في الدواة والحصير والحائط.
آثاره ومصنفاته:
- الحزب الشاذلي.
- رسالة: وهي في آداب التصوف رتبها على الأبواب.
- نزهة القلوب وبغية المطلوب.
- السر الجليل في خواص حسبنا الله ونعم الوكيل.